السبت، 18 أكتوبر 2025

ميدلت: قمة التفاح تتحول إلى منصة للنمو الاقتصادي والتحول الزراعي

 


في قلب جبال الأطلس، على ارتفاع يفوق 1 500 متراً، تحتضن مدينة ميدلت فعاليات الملتقى الوطني الخامس للتفاح، الذي لم يعد مجرد احتفال موسمي، بل أصبح محطة استراتيجية لاستكشاف آفاق الاقتصاد الأخضر وتنمية سلسلة القيمة في الإنتاج الزراعي المغربي. هذا الملتقى يشكل اليوم جسراً حقيقياً بين تقليد زراعي عريق وطموحات اقتصادية مستقبلية تعتمد على الابتكار والتسويق المتقدم.
تحول الملتقى خلال السنوات الأخيرة إلى ظاهرة اقتصادية وجذّاب سياحي، حيث يستقطب الفلاحين والتعاونيات والمستثمرين والمهنيين من مختلف أنحاء المملكة، فضلاً عن آلاف الزوار سنوياً، ما يعزز من حركة الأسواق المحلية ويخلق طلباً متزايداً على الإيواء والخدمات. وفي هذا السياق، بات التفاح الميدلتي علامة جودة لها حضور في الأسواق الوطنية، ويبرهن على أن الزراعة الجبلية قادرة على منافسة المنتجات الحضرية.
لكن ما يجعل هذه الدورة ذات بعد خاص هو التزامها بتطوير القطاع عبر دمج الابتكار: من ورشات حول تقنيات الري وتخزين المنتج، إلى معارض للآلات الفلاحية الحديثة. وإذ تشير دراسات حديثة إلى أن المغرب قد بلغ إنتاجاً تجاوز 922 820 طناً من التفاح عام 2022، مسجّلاً نمواً مطّرداً (+6.5% سنوياً خلال العقد الأخير) ، فإن ميدلت تحتل موقعاً جوهرياً في هذا المشهد. فهي لا تكتفي بإنتاج النتائج، بل تسعى إلى تشكيل نموذج حديث يجمع بين جودة المنتوج، التكنولوجيا، والسياحة الزراعية.
في الواقع، تأثير هذا الملتقى يتمظهر أيضاً في ملف السياحة الجبلية، فبينما يرعى المزارع عملية الحصاد، يستمتع الزائر بمناظر الأطلس، ويتعرف على الموروث الثقافي المحلي. وميدلت، التي تُعرف بـ«عاصمة التفاح» للمغرب ، تستفيد من ذلك ليصبح الحدث ليس فقط منتدى زراعياً، بل تجربة سياحية شاملة.
وعلى الجانب التسويقي، الحدث يوفر منصة فاعلة للفلاحين المحليين للتواصل مباشرة مع المستهلك أو المتعاملين التجاريين من المدن الكبرى، مما يُسهم في رفع القيمة المضافة للمنتج. ومع ذلك، لا يزال التحدي قائماً: رغم الأداء القوي في الإنتاج، ثمة حاجة لتعزيز صادرات المغرب من التفاح ومحالجة نقاط الضعف مثل البُنية التحتية للتخزين ما بعد الحصاد، التي ما زالت أقل تطوراً مقارنة بالدول المنافسة .
في هذا المعرض، يجد المستثمر المحلي والإقليمي فضاءً للاستكشاف: سواء عبر التقنيات الحديثة أو الشراكات التي تفتح أسواقاً وطنية ودولية. ومن جهة أخرى، يعكس الملتقى بوضوح أن الرهان ليس فقط على محصول سنوي، بل على اقتصاد فضاء كامل: يشمل الزراعة، التسويق، السياحة، والثقافة.
ختاماً، فإن ميدلت بهذا المعرض تؤكد أن التفاح ليس مجرد فاكهة تُقطف، بل رمز لاستهلاك ذكي، استثمار محلي، ورؤية وطنية للزراعة الجبلية. ومن ينتظرها اليوم ليس مجرد مهرجان، بل محطة لنقلة تنموية ترتبط بتجديد النشاط الفلاحي وربط المنطقة بالسياحة والاقتصاد المعولم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ميدلت: قمة التفاح تتحول إلى منصة للنمو الاقتصادي والتحول الزراعي

  في قلب جبال الأطلس، على ارتفاع يفوق 1 500 متراً، تحتضن مدينة ميدلت فعاليات الملتقى الوطني الخامس للتفاح، الذي لم يعد مجرد احتفال موسمي، بل...