الشبيبة الحزبية, أية قيمة مضافة للمشهد السياسي ؟
تعتبر التنظيمات الشبابية ذرعا موازيا للأحزاب لكونها تساهم في ترجمة مواقف الحزب ورؤيته الإستراتيجية للإصلاح, وهذا ما تأكد في العديد من المواقف, حيث أن الممارسة السياسة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق ما هو منتظر منها و أن تمارس خارج إطار المؤسسة الحزبية, و إنما داخلها مع التأكيد على ضرورة التعامل بمنطق "الرأي حر و القرار ملزم"
فالشبيبات الحزبية إذا عملت على تطوير قدراتها واحترام ضوابط العمل السياسي الأخلاقي, ستعتبر مدرسة للتكوين و التأطير يتخرج منها شباب متشبع بمبادئ القيادة, وضليع في أدبيات التواصل والمرافعة و النقد والتحليل والمناقشة الموضوعية.
لكن تظل هذه الأهداف رغم راهنيتها وحاجة الحقل السياسي لها, مستعصية في الواقع , خاصة و أن الشبيبة الحزبية لحد الآن لم تفلح في وضع إستراتيجية واضحة المعالم تساهم في تحقيق هذا المبتغى .
أشياء وأخرى تجعلنا نتساءل عن السبب وراء هذا الفشل ؟
الأسباب متعددة وبسيطة أولها الاهتمام, فبدل أن يتم التعامل مع الشبيبة كحقل لصناعة النخب نجد في غالب الأحيان العديد من القيادات الحزبية تتعامل مع الشبيبة على أساس كونها دكة احتياطية, تبدأ مهمتها ببداية الاستحقاقات الانتخابية, وتنتهي بنهايتها.
السبب الثاني هو استفحال النظام الأوليغارشي في الأحزاب المغربية, الشيء الذي يولد الشعور بالحكرة في أوساط الشبيبة في المجال السياسي, ويكسر أجنحة الشباب و طموحه إلى الارتقاء بالعمل وإحداث التغيير في الوسط الذي ينتمي إليه.
و هذا ما يفقد العملية السياسية الداخلية مصداقيتها و يفرغها من محتواها , لذا يجب العمل على إعادة تأسيس مبادئ الشفافية و الديمقراطية على المستوى الداخلي حتى تكون الأحزاب مثالا للمؤسسات الأخرى.
و لاشك أن من يتابع المشهد السياسي اليوم يلاحظ الحس النقدي للشباب من أجل التغيير, هذا ناهيك عن الحس الإقتراحي الذي يؤخذ بعين الاعتبار في العديد من المحطات داخل إطار المؤسسة الحزبية, لكن الإشكال الذي يجعل هذه المقترحات تبقى حبيسة غرفة الاجتماعات أو حبيسة قصر المؤتمر أو خيمته , هو تواجد شريحة سياسية تغلغلت فيها الأنانية و عدم الإيمان بالآخر كدفعة دم جديدة أو ترياق يشفي الإستراتيجية و يقوم اعوجاجها.
للأسف معظم الأحزاب المغربية بدل أن تكون مشتلا لإنتاج الكفاءات القادرة على حمل مشعل المسؤولية في تدبير كل ما يتعلق بالسياسة العامة لبلدنا , نراها تشكل قاعدة لكسر و محاربة الكفاءات , و هذا ما يزيد من درجة الاحتقان في أوساط الشباب باعتبار هذا الأخير جسرا للمجتمع و وقوده من أجل الإقلاع المنشود , فالمشهد السياسي في حاجة ملحة و بقوة للشباب من أجل إنجاح المسار الإصلاحي للمغرب على مستوى جميع القطاعات
لكن لا يجب أن نغفل على نقطة مهمة سلطت عليها الضوء تلك المؤتمرات التي انخرطت فيها الشبيبات الحزبية و الإشعاع الذي حظيت به من خلال وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي و غيرها , فهل نحن أمام إشعاع حقيقي يخدم مصلحة المؤسسة ؟ أو أنه لا يعدو أن يكون مجرد إشعاع زائف ؟
خاصة إذا تساءلنا عن تجسيد هذا الإشعاع و ترجمته على مستوى الواقع من حيث الأدوار المنوطة بها من تأطير و غيره , لا أحد ينكر ما أصبحت تحظى به الشبيبات الحزبية من اهتمامات و امتيازات تساعدها في عملها , لكن عندما تبحث عن الخلل الذي يجعل الشبيبة بعيدة كل البعد عن دورها الحقيقي, تجدها قد انخرطت في صراع السباق نحو السلطة, مما يفرغ الأهداف المسطرة من محتواها, فتجد قادتها لا يبحثون سوى عن الشهرة و اقتناص فرص الظهور أمام الإعلام ولو ظهور من أجل الظهور فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق