السبت، 17 أكتوبر 2020

ربما حان وقت الرحيل


 

ربما حان وقت الرحيل، الرحيل بشرف أفضل من الظهور في الواجهة وتزين بك الصور، سيشهد التاريخ علينا بأننا خنا العهد وخنا الوطن، بئس الوزر الذي نحمله على ظهورنا، كيف السبيل في ظل عتمة الفساد وتبرير الوزر بوزر أشد منه.

حتى تكتسب الخبرة لابد أن تخوض العديد من التجارب، رغم ما قد تحمله هذه المغامرة في طياتها من سلبيات وإيجابيات، فما دمت قادرا على تمييز الصواب من الخطأ فأنت قادر أيضا على أخذ الإيجابيات وتجاوز السلبيات.

نحن الآن وإياكم والكثير منا ومنكم يفكر كيف سيواجه صعوبات الحياة خاصة وقد بلغنا كما بلغ العديد منكم المنعطف، هذا المنعطف الذي يتصارع فيه المال والفكر، ولا يمتزجان ولا يستطيعان تكوين خليط متجانس في صورة برزخ، غاب الرشد وغابت الحكمة وبدأت الحرب، حرب إستمرت منذ بضع سنين وخلفت خسائر كبيرة وعطلت قاطرة التنمية، بل أخرجت القطار عن سكته، فدعونا نسائل بعضنا، ما العمل؟ كيف السبيل لإرجاع القطار لسكته الصحيحة؟ وكيف السبيل لإصلاح كل قاطرة على حدة؟

قاطرة المال منحرفة لا يهمها الفكر الشريف، لأن ما تعلمته في بيئتها منذ نعومة أظافرها كان كفيلا بأن يخرج ديناصورا يحصد الأخضر واليابس ولا يترك سوى الفتاة للرعاع الملتفين حوله.

أما قاطرة الفكر فظلت ترى وتسمع وتعارض، 

فالزمن وتسلق الدرجات كان كفيلا ليزيدها خبرة بعد خبرة، خاصة عندما تعلم أنها تخرجت من مدرسة رائدة في فن التنظير، لكن كونها ليست في مراكز القرار جعلنا نستمتع بمعارضتها فقط، ولا ندري كيف تدبر الأمور التي تسند إليها لأننا لم نحضر زمنها، وما لمسناه في زمننا أنها قاطرة تحسن الإنصات ولو كان من يتحدث عدوا.

أما القاطرة الثالثة فهي قاطرة ذات أهمية كبرى، وينتظر منها الكثير رغم ضعف ذات اليد وإمكانياتها المحدودة، إن لم نقل المنعدمة، فتجدها دائما في حيرة من أمرها وهي مكبلة الأيدي والأرجل، وما تملك سوى قدرتها على النشاط، أي أن زادها وعطائها بدني محض.

إلا أن بعضها تارة يميل نحو اليمين وتارة نحو الشمال، تجدها تتحسس يد المنقذ التي تظن أنها قد تمتد إليها في أي لحظة، كما قد لا تمتد أبدا وتبقى تنتظر فتاة الآخرين، وتظل تطبل وتصفق لإنجازات لم تتجاوز سوى حدود الأفواه، وظل التطبيق حبيس رفوف الحلم الذي يطغى على اللاوعي عندما ننغمس في نوم عميق، يظهر كلما شدنا الحنين لشيء لم ندركه إلا بالسمع، ولم تدركه الأبصار ولم يلامس الواقع أبدا.

وآخرون يفكرون بالرحيل كلما لقو ما لا يعجبهم، بين هذا وذاك يظل حطام القاطرة الثالثة متناثرا في جميع الأماكن، فتجد بعضه منغمس في ركام قاطرة المال يقتات على البقايا، والحطام الآخر يشاهد في صمت ولا يريد أن يخسر الرهان، فتجده أكثر ميلا لمن هم أقرب إليه ثقافة وفكرا، يستفيد من تغذية عقله ببقايا قاطرة الفكر كلما جادت عليه ببقشيش من الأفكار التي لن تسمن ولن تغني من جوع، فهو يبقى شريفا ما دام لم يتبع قاطرة المال، ولم يراهن بكرامته بأبخس الأثمان، ويعيش الذل وينعت به حتى لا يعاني ويلات الوصم وهو مازال في بداية الطريق نحو غد يظل مجهولا، ولو كان الشروق فيه بعد حين.

ياسين جعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بتعليمات مباشرة من المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني

  بتعليمات مباشرة من المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني بناء على تعليمات عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب ا...