مهرجان المسرح المتنوع بالرشيدية… نجاحٌ تأسيسيّ ينسف ادعاءات الارتباك ويؤكد حضور الثقافة كقيمة تنموية
عرفت مدينة الرشيدية احتضان الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح المتنوع في الفترة ما بين 8 و10 دجنبر 2025، في مبادرة ثقافية غير مسبوقة بالجهة، نظمها مركز الإشعاع الثقافي درعة تافيلالت بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل.
ورغم ما تداولته إحدى الجرائد الإلكترونية من اتهامات بوجود “ارتباك تنظيمي” و“إقصاء” و“خدمة أجندات”، فإن المعطيات الموضوعية وشهادات الحضور والمهنيين تؤكد عكس ذلك تماماً، وتبرز أن المهرجان شكّل محطة تأسيسية ناجحة بكل المقاييس.
و على خلاف الادعاءات التي تحدثت عن “فوضى عند المدخل” و“منع المواطنين من الولوج”، فقد توافد عشرات المهتمين على المركز الثقافي في اليوم الافتتاحي، مستفيدين من مجانية الأنشطة والعروض طيلة أيام المهرجان، وهو ما عزّز الحضور الجماهيري بشكل لافت.
واعتمدت اللجنة التنظيمية، انسجاماً مع المعايير الوطنية المعمول بها في التظاهرات الرسمية، على دعوات خاصة للضيوف الرسميين فقط، فيما كان الولوج لباقي الفعاليات متاحاً للجميع، وهو ما تؤكده نسبة الإقبال الكبيرة خلال الورشات الصباحية والعروض المسائية.
ان ادعاءات “المحاباة” و“الإقصاء” التي روّجت لها بعض المنابر لا تعكس حقيقة البرمجة التي اتسمت بتنوع واضح على مستوى الفرق المشاركة، والتي قدِمت من مدن مختلفة مثل تطوان، الحسيمة، طانطان، والرشيدية.
وقد أثنى عدد من الفنانين المشاركين على الاختيار المتوازن للفرق والعروض، وعلى خلق فضاءات للنقاش الأكاديمي شارك فيها باحثون من مؤسسات جامعية وطنية، مما منح الدورة طابعاً مهنياً رفيعاً.
وبخلاف الادعاءات التي ذهبت إلى “تسييس الحدث”، اتسم المهرجان بطابع ثقافي خالص، عززته الندوة العلمية بعنوان “صناعة الثقافة ورهان التنمية: من الفعل المسرحي إلى الفعل التنموي”، والتي جمعت أساتذة وباحثين متخصصين، إلى جانب أربع ورشات تكوينية في الإخراج، الارتجال، إعداد الممثل، وغيرها. هذه الأنشطة الفكرية والمهنية تُبرز أن أبواب المهرجان كانت مفتوحة لكل الطاقات، بعيداً عن أي توظيف أو حسابات ضيقة.
ان مركز الإشعاع الثقافي، باعتباره جمعية مدنية مستقلة تضم أساتذة وباحثين وطلبة، حرص منذ البداية على كسر مركزية الفعل المسرحي، وتقريب الثقافة من سكان جهة درعة تافيلالت. وقد شكّل المهرجان فرصة لإبراز الهوية الفنية للمنطقة، وتأكيد قدرتها على احتضان تظاهرات وطنية كبرى، وهو ما لمسَه الحضور خلال ثلاثة أيام متواصلة من العروض، النقاشات، الورشات، والأنشطة الموجهة للأطفال.
وحظيت هذه الدورة الأولى بإشادة لافتة من الفنانين والباحثين والمهتمين، وانتشرت أصداؤها وطنياً، خاصة بعد الحضور القوي للجمهور، ونجاح الأنشطة المجانية في جذب الشباب والأسر. وقد عبّر المشاركون عن تقديرهم للمبادرة التي منحت المسرح مكانته الطبيعية داخل الجهة، وفتحت آفاقاً جديدة لبناء تقليد ثقافي سنوي قوي.
إن ما روّجته بعض المنابر من انتقادات يظل بعيداً عن حقيقة ما جرى على أرض الواقع، حيث أثبتت دورة الرشيدية الأولى للمهرجان الوطني للمسرح المتنوع أن التنظيم الجيد، والانفتاح، والبعد التنموي هي العلامات البارزة لهذه التجربة. وقد أكد مركز الإشعاع الثقافي استعداده لتطوير الدورة المقبلة، وتوسيع المشاركة أكثر، في إطار مقاربة شفافة ترقى إلى طموحات الجهة وإشعاع المسرح المغربي.
